أولمبياد الأغنياء

بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في البرازيل, و التي رغم الصعوبات الكبيرة التي واجهتها الحكومة البرازيلية لتكون جاهزة لاستقبال أكبر تظاهرة عالمية , إلا أنه يبدو أن الأمور قد صارت جاهزة و لم يبق إلاّ اعطاء اشارة الانطلاق , و لكن المشكل الحقيقي بالنسبة لدولة و شعب مثل البرازيل , لا يكمن في درجة الاستعداد لاستقبال لحدث , فقد تم صرف عشرات ملايير الدولارات لأجل ذلك و ستعيش البرازيل و العالم مهرجانا رياضيا و احتفاليا لمدة شهر كامل , و لكن المشكل هو في الثمن الاقتصادي و الاجتماعي الذي سيدفعه البرازيليون بعد نهاية الدورة , بعد أن يستيقظوا من سكرة الاولمبياد و تغادرهم البعثات و الشركات ؟ كيف سيتم تسيير ما بعد الأولمبياد لدولة لازالت مصنّفة على أنها دولة فقيرة , و أكثر من ثلثي شعبها يعيشون تحت مستوى الفقر المدقع , و الذين سيكتشفون أن عشرات ملايير الدولارات قد صرفت للمأكل و المشرب ولبناء منشآت ضخمة ستنتهي صلاحيتها بعد شهر , عوض أن تتوجه للخدمات الصحية و الاجتماعية ؟
البرازيل التي لازالت لحد الآن تعيش صدمات و ارتدادات تنظيمها لكاس العالم قبل سنتين و التي تحوّلت الى اضطرابات اجتماعية كبيرة وصلت حتى أعلى هرم السلطة بتنحية الرئيسة , هذه الدولة ستعيش ربما أزمة و صدمة أكبر بعد انتهاء الاولمبياد .
جميعنا ايضا يرى ما يحدث لدولة مثل اليونان التي أعلنت افلاسها قبل بضع سنوات بعد أزمة اقتصادية خانقة , أصبحت فيها دولة و شعب بأكمله ملكالصندوق النقد الدولي و للاتحاد الأوروبي , أزمة كان من أهم أسبابها تنظيمها لأولمبياد 2004 في أثينا , الذي أفرغ خزائن الدولة لأجل بناء ملاعب و منشآت و قاعات رياضية ضخمة , أُغلق أغلبها و تحوّل الى أماكن مهجورة و بحالة متدهورة يُرثى لها بسبب التكلفة العالية لأعمال الصيانة التي لم تستطع الدولة اليونانية التكفل بها فاضطرت لإغلاقهاو ترك العوامل الطبيعية و الزمن ليتكفلا بها .
دول لازالت تعاني من مشاكل اقتصادية و اجتماعية و سياسية مثل البرازيل و اليونان كان من الأفضل لها ألا تكلّف نفسها ما لاطاقة لها به فقط لأجل “البريستيج” الذي ستدفع ثمنه غاليا , و كان عليها أن تترك تنظيم مثل هذه الدورات للدول الغنية الكبرى و تكتفي بالاستمتاع عبر التلفزة مع بقية فقراء العالم , فالأولمبياد للأغنياء .
n.s.abder@gmail.com